وصل فجرا على طائرة لشركة اجنبية حطت أمام بوابة الصالة المخصصة لها والتي تبعد عن صالة الشركة الوطنية.. وكان يحمل جواز سفره وحقيبة يده.. لم يحضر معه شيئا تفاديا للتأخير في الخروج من المطار.. فلقد كان حريصا أن يصل مبكرا الى بيته لقضاء يومين مع الأهل وينجز خلالها مهمته ويعود بعدها الى عمله في الخارج حيث يقضي أكثر من ثلاثة أعوام في بلد يبعد عن موطنه قرابة أربع ساعات بالطائرة..

وبعد أن ختم جوازه وكان الوحيد في طابور المواطنين كان المطار يتثاءب في اللحظات الأولى للنهار والرطوبة الكثيفة تنبعث برائحة الصيف التي زادها ضعف اداء التكييف في صالة الوصول الدولية. مر سريعا أمام موظف الجوازات بعد أن اشار اليه بالخروج بعد أن فحص جواز سفره الخاص الذي حصل يحمله بسبب عمله وكان عليه أن يأخذ سيارة أجرة للذهاب الى منزله الذي لا يبعد كثيرا عن المطار.. لمح سيارة صفراء وحيدة أمام بوابة الخروج.. بداخلها السائق يمسك بالمقود ويقف بجوار السيارة رجلان يبدوان من هيئتهما انهما اوروبيان في انتظار سيارة تقلهم.. تكلم مع السائق الذي خرج من السيارة ظنا أن معه حقائب يساعده في حملها .. شكره قائلا ليس معي عفش ولكن ماذا عن الرجلين الواقفين .. ألا يحتاجان التاكسي قبلي؟!.. أجابه نعم ولكني لا احب أن استفتح من هؤلاء.. ضحك وقال له اعتقد انهم سيدفعون لك اكثر مني.. وهنا التفت اليهما سائلا ان كانا يحتاجان مساعدة.. فعرف منهما انهما مسافران على رحلة داخلية وقد انزلهما سائق الفندق خطأ في صالة الشركات الاجنبية وأضاف احدهما أن هذا السائق لا يجيب عليهما عندما طلبا منه ان يوصلهما الى الصالة الداخلية.. فبادر قائلا لهما:يبدو أن السائق لم يفهم منكما وأراد بذلك أن يخفف الحرج أمام ألاغراب.. وقال للسائق يجب أن ناخذهما في طريقنا الى الصالة الداخلية والمسافة حوالي عشرة كيلومترات ثم اواصل مشواري ..  فأجاب السائق ولكن بشرط ألا يجلس أحد منهما بجواري.. تجلس انت بجواري وهما في الخلف.. أستغرب لهذا التفكير.. فكيف لسائق تاكسي يعمل في المطار ان يكون بهذا المنطق .. هز رأسه للسائق وأشار عليهما بوضع الادوات والحقائب التي يحملانها في صندوق السيارة وانطلق الجميع في اتجاه الصالة الداخلية.

وكان السائق يثرثر بكلام غير مفهوم تظهر فيه السخرية كلما نظر الى المراة امامه ورأى الرجلين الجالسين في الخلف .. ويبادر صاحبنا في تلطيف الموقف قائلا ان السائق يعتذر لكما لأنه لا يعرف الانجليزية ولم يتمكن من مساعدتكما قبل وصولي للترجمة بينكم.. فيجيب احدهما نشكره ونشكرك على المساعدة.. ولكن الوقت ضيق ونسعى ان نلحق برحلتنا حيث لدينا اجتماع هام في الجامعة ولقد وصلنا من لندن بالأمس وهنا اخذ بطاقة تعريف له وكتب عليها الاخ المناوب امل مساعدتهما في الحصول على بطاقتي الصعود للحاق بالرحلة وشكرا..وسألاه كم يدفعان للسائق .. أجابهما بأن التسعيرة مكتوبة على الزجاج الأمامي للسيارة باللغتين .. وشعر أن السائق لا يستحق اي زيادة وقد كاد ان يتسبب في فوات رحلتهما ولكنهما أصرا أن يدفعا زيادة على ألاجرة .. ونزلا مسرعين الى الصالة حاملين الحقيبة الفضية الثقيلة وألادوات التي يستخدمها المهندسون الجيولوجيون في مساحة الارض..

وانطلق مع السائق الى داره حيث استقبله ابنه وزوجته وقضى معهما ساعة الصباح وخرج لانجاز عمله الذي جاء من اجله وكان يتساءل في نفسه ان لحق الراكبان برحلتهما وقد وصلا متأخران جدا الى صالة السفرالداخلية ومعهما الامتعة التي تحتاج الى أن تشحن مع الحقائب ومر اليومان وعاد الى عمله والى معمعة المشاغل وبعد شهر تقريبا وكان قد نسى كل ما يمت للحادثة بصله.. جاءته السكرتيرة برزمة اظرف البريد قلّبها ووجد بينها ظرفا يحمل طابعا بريطانيا عليه صورة الملكة واشارة العملة الاسترلينية .. فتح الظرف وكانت الرسالة مكتوبة بخط اليد باللغة الانجليزية بتوقيع توم او توماس يشكره على المساعدة ويخبره أن البطاقة التعريفية التي كتب لهم عليها كانت مفيدة جدا وان الموظف اهتم بهما اهتماما خاصا وانهما لا ينسيان كذلك في نهاية الرسالة أن يبلغ شكرهما لسائق التاكسي..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s